يقول
ابن القيم رحمه الله: (ومن هذا أنه كان يجزم بصدقهم فيما يخبرونه من رؤيا المنام) أي: حتى في الرؤيا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه فيقول: أيكم رأى رؤيا فيخبرونه فيصدقهم في رؤيا المنام، فكيف بما يرونه بأعينهم في اليقظة، ويجزم لهم بتأويلها؟ ويقول: إنها رؤيا حق، وأثنى الله تعالى عليه بذلك في قوله: ((
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ))[التوبة:61] (ومنهم) أي: من المنافقين الذين فضحهم الله تبارك وتعالى في سورة التوبة التي من أسمائها الفاضحة؛ لأن الله فضح فيها هؤلاء المنافقين وذكر صفاتهم، ومن ذلك قوله تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ) أي: يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) ومعنى "أذن": سماع لكل من يحدثه بشيء، فكل من جاء وقال له شيء صدقه، ((
قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[التوبة:61] ومعنى: يؤمن للمؤمنين، أي: يصدق لهم ويقبل كلامهم؛ لأنهم أتقى الناس وأورع الناس وأبعد الناس عن الكذب، ولذلك يسمع كلامهم، لكن هل يسمع النبي صلى الله عليه وسلم كل ما يقوله المنافقون ويصدقه؟ لا، وهل يقبل كل ما يقوله المرجفون والمفسدون والمفترون؟ لا؛ لأنه أذن خير أي: سماع ولكن للمؤمنين ولأصحابه الذين لا يكذبون على أحد في الدنيا، فحاشا أن يكذبوا عليه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم.